بسم الله الرحمن الرحيم
أذكر الله
50 زهرة من حقل النصح
عبدالعزيز المقبل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
أختي المسلمة :
من أهم ما يتميز به المسلم والمسلمة اللذان تعلق قلباهما بالله وطبقا في حياتهما شرعه ، وامتثلا أمره ، تلك الراحة النفسية والاطمئنان القلبي ، فلا تراهما إلا مبتسمين حتى في أحلك الظروف وأقسى الحالات ، فهما يدركان أن ما أصابهما لم يكن ليخطئهما ، وأن ما أخطأهما لم يكن ليصيبهما ، فلا يتحسران لفوت محبوب ،ولا يتجهمان لحلول مكروه ، فربما كان وراء المحبوب مكروهاً ، ووراء المكروه محبوباً (( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون )).
· لا تغرهما زخارف الدنيا وإن كانا يتركان نصيبهما منها (( وابتغ فيما ءاتك الله الدار الأخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا )) . لمعرفتهما أن الدنيا يقصر عمرها وامتلائها بالغصص والنكد لا تستحق أن يغضب الإنسان من أجلها ، ولا أن يتحسر لفوت شيء منها ، فهي لا تساوي شيئاً مع الآخرة دار القرار، حيث النعيم الأبدي ، فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، للمؤمنين الصادقين .
أختي المسلمة :
لو صفت الدنيا من الأكدار ، وخلت من المصائب – وذاك محال – فإن مجرد تذكر الموت يجعل حلوها مراً ، وكثيرها قليلاً ، وطويلها قصيراً ، وصفوها كدراً ، هذا لو ضمن الإنسان عمراً طويلاً ، فكيف وهو إذا أصبح خشي ألا يمسي ، وإذا أمسى خشي ألا يصبح ، وإذا أنقشعت سحابة مصيبة أقبلت أخرى ، يروعه فقد الأقربين ، وموت الأصدقاء ، وعندما يحس بألم عارض في عضو من أعضائه ، أو يخيل إليه زيادة في خفقان قلبه ، أو يحس بقلة شهية للطعام ، يرتسم شبح الموت أمام ناظريه ، فإذا هو يفزع ويخاف فيزداد مرضاً وتخيم عليه الوحشة ، وكأن ذلك الخوف مانع من نزول الموت أو مبعد له .
· يا لضعف الإنسان ، ما أحقره وأقل شأنه . تراه شاباً مكتمل الحيوية والنضارة والنشاط ، ممتلئ الجسم فلا يلبث العمر أن يطوح به إلى خريفه فإذا هو محدودب الظهر ، متغضن الوجه ، يتعبه أدنى جهد ، ويهده أقل عمل .
· وتراه غنياً يسكن القصر الشامخ ، ويركب السيارة الفارهة ، ويجلس على الفراش الوثير ، ثم تنقلب به الأيام فإذا هو يسكن ما كان يأنف من سكناه ، ويركب ما كان يزدري ركوبه ، ويلبس ما كان يستخشن لبسه ، ويأكل ما كان يعاف أكله .
· إن لذة الحياة وجمالها ، وقمة السعادة وكمالها ، لا تكون إلا في طاعة الله التي لا تكلف الإنسان شيئاً سوى الاستقامة على أمر الله وسلوك طريقه ، ليسير الإنسان في الحياة مطمئن الضمير ، مرتاح البال ، هادئ النفس ، دائم البشر ، طلق المحيا ، يعفو عمن ظلمه ، ويغفر زلة من أساء إليه ، يرحم الصغير ويوقر الكبير . يحب قضاء حاجات الناس ، ويكون في خدمتهم ، ويتحمل أذاهم ، ثم هو لا يفرط في صغير ولا كبير من أمر الله ، بل يحرص على كل عمل يقربه إليه ويدنيه منه ، فإذا نزلت به المصائب تلقاها بصبر ورضا ، وإذا جاء الموت رأى فيه خلاصاً من نكد الدنيا ، ورحلة إلى دار الخلود .
أختي المسلمة :
في هذه الصفحات مجموعة إرشادات ، وثلة توجيهات عندما تطبقينها في واقع حياتك ، وتحرصين على التشبث بها ، وتندمين على فواتها ، ستنقلب حياتك من شقاء إلى راحة ، ومن تعاسة إلى سعادة ، بل ستحسين للحياة طعماً آخر ، وتنظرين لها نظرة أخرى ، وقد دفع إلى كتابتها حب الخير وابتغاء الأجر والرغبة في الإصلاح ، فإلى تلك الأزاهير وفقك الله .