الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأستغفر الله العظيم ، وعليْه سبحانه وتعالى قصد السبيل ..
إبني الغالي .. وأنتَ اليوم تُكمل سنتك السابعة من عمرك ، تَبدو كطفل وسيم .. وفي كل مساحة وجهك براءة الطفولة ، وقد بدأت ترتسم عليْك أخيراً ملامحُ أبيك .. وإذ أراك بإعجاب وفخر وحب وود ، فإنني أريد وأرجو أن تبقى هذه النظرة مني إليْكِ أبدية .. ولكي تكون كذلك فإنني لا أرى نفسي ولا سعادتي إلا في هذا الدين الإسلامي الحنيف ، الدين السماوي الذي أظهرهُ الله تعالى على الدين كله ، فأرسل لنا حبيبنا ومعلمنا وشفيعنا خيْر الأنام وخاتم الأنبياء ، ليُخرجنا من الظلماتِ إلى النور .. وصلى الله على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وصحبه الذي يوجهنا إلى الطريق المستقيم ، وإلى ما فيه فلاحنا ونجاحنا في الدنيا والآخرة .
الغالي العزيز ابني ... وكما قلتُ في رسالتي الأولى لأختِكَ التي كانت قد أكملتْ سنتها السابعة منذ سنتيْن وهي الآن ما شاء الله تعالى مواظبة في صلاتها والحمد لله .. أسوق لك نفس الكلام وأنتَ إذن تُكمل السنة السابعة من عمرك ، لأقول إنك لاتحتاج إلى حلوى عيد الميلاد ( طُرْطَة ) ولا إلى شموع بقدر عدد سنواتك السبع ، ولا إلى أصدقاء وموسيقى ، ومشروبات وحلويات ، أو تصفيقات وتهنئات ، ولا حتى إلى هدايا وابتسامات .... بقدر ما أنتَ في حاجة مُلِحَّة ، وضرورة قُصوى لتتعرف على واجباتك الدينية رويْداً رويْداً ، ولا أريد أن أشُقَّ عليْكَ يا صغيري ، بل أريد أن أراكَ كما يريد رب العباد إن شاء الله تعالى ، كما أنه ومن واجبي أن أبلِّغ رسالتي نحوك كما أمرني الله عز وجل ، وهو القائل جلَّ وعلا : (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليْها )
ورسولُنا الأمينُ يأمرنا أن نبدأ في تعليمكم الصلاة في سبع سنين ، وأكيد لحكمة بالغة ، يقول صلى الله عليْه وسلم : ( مروا أبناءَكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليْها وهم أبناء عشر ) رواه أحمد .
وأنا أحب أن أكون ضمن الذين استجابوا لكلام الله عز وجل ورسوله عليْه أزكى الصلاة والسلام ، بحب وامتثال راجياً من الله جل وعلا أن يتقبل منا جميعاً صالح أعمالنا ويتجاوز عنا أسوأ الذي عملنا ، إنه سميع مجيب ..
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( بِتُّ عند خالتي ميمونة ، فجاء رسولُ الله صلى الله عليْه وسلم بعدما أمسى فقال : أصلَّى الغُلام ؟ قالوا : نعم ) رواه أبو داود .
منذ مدة وأنا أدعو الله تعالى أن يجعلك ابناً بارّاً ، تقف أمام كَرِيٍم مقتدر لأداء واجباتك الدينية بفرح وسرور ، ومن أهم ذلك الصلاة ، تؤديها في اطمئنان وسكينة ، بشعور من السعادة للإنتماء إلى أمَّة محمد صلى الله عليْه وسلم ، ونِعْمَ الإنتماء .. قال تعالى : ( رب اجعلْني مقيمَ الصلاة ومِن ذُرِّيتي ربنا وتقبَّلْ دعاء ) .
وقال أيضاً : ( يابنيَّ أَقِمِ الصلاة ) ، إذن فقد لاحظْتَ ابني العزيز كيْف أن المسؤولية والواجب الديني مقتَسِمَيْن بيْننا ، فمن واجبي أن أبدأ في تعليمك الصلاة في هذه السن ( سبع سنين ) وأُكلفكَ بها حتى تُصبح لديْكِ عادة محمودة إن شاء الله تعالى تستريح بها من تعب الحياة وصخَبِها ، كما قال رسول الله صلى الله عليْهِ وسلم : ( أَرِحنا بها يابلال ) ، ومن واجبكَ أنتَ أن تحافظ على الفطرة التي فطركَ الله تعالى عليْها ، وذلك بالمداومة على الصلاة والمحافظة عليْها طيلة حياتِكَ .
رسالتي تُشْرِفُ على نهايتها ، وأريد أن أختمها بأمريْن اثْنَيْن : الأمر الأول وهو أنها رسالة إلى كل أب مسلم أُذَكِّرُهُ ونفسي بأن الواجبات الدينية لا تقتصر عليْنا وحدنا دون أبنائنا ( كما يعتقد مجموعة من الآباء وللأسف ) ، بل إن البداية يجب ان تُعْلَنَ منا ، أو ليْس الله سبحانه وتعالى يقول : ( يا أيها الذين آمنوا قُو أنفسكم وأهليكم ناراً ...) ، والأمر الثاني هو إليْكَ ابني ، فبما أنك ذكر فيسعدني كثيراً أن أراك تصلي بأختك كلما كانت صلواتكما في البيْت أو عند عودتكما من المدرسة .. وكم ستكبر سعادتي عندما أسمعك تقرأ الفاتحة والسور التي تحفظها جهراً في صلاتي المغرب والعشاء كلما تعذر علي أن آخذكما إلى المسجد ، كما أتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بخالص الشكر والحمد أن فَقَّهَني وذكَّرني بواجباتي الدينية أمام أبنائي في الوقت المناسب .. كما أتوجه إليه جل وعلا أن يحفظني وأبنائي وزوجي وكل الأسرة والعائلة وكافة المسلمين ، وأن يُبْقينا على نعمة الإسلام حتى نموت عليها ونلقاه مسلمين مِؤمنين به وبكل ماأنزل .. آمين .. وبارك الله تعالى فيك ابني وكل أبناء وبنات المسلمين .. يارب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .